ولكن قبل الخوض في موضوع المحتوى الرقمي، يجب أن نعرف ماذا يعني هذا المصطلح المختلط بين القديم والجديد..
وفقا لتعريفنا النابع من خبراتنا في هذا المجال ومتابعاتنا ومشاهداتنا، فإننا نعرف المحتوى الرقمي على أنه كل ما يمكن نشره على صفحات الإنترنت من مواد إعلامية بأي شكل كانت، مرئية أو مكتوبة أو مسموعة، والتي يمكن أن يصل إليها المستخدم من خلال الأدوات الرقمية المختلفة.
ولكن التعريف السابق يشمل “كل” ما يمكن نشره، أي الصالح والطالح، لذلك كان لا بد من تعريف المحتوى الرقمي “الفعّال” على أنه كل ما يصلح نشره على صفحات الإنترنت من مواد إعلامية بأي شكل كانت، مرئية أو مكتوبة أو مسموعة، ولا يحتوي على مواد مسيئة أو خادشة للحياء أو عنيفة أو ما إلى ذلك..، ومن المعروف مؤخراً أن كبرى الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي أصبحت تطبق قيوداً ومعايير صارمة على المحتوى الذي يتم نشره على منصاتها، من ناحية نوعية المحتوى ومصداقيته وحقوق الملكية الفكرية وغيرها من المحددات، من خلال خوارزميات متطورة أصبحت تلتقط كل ما ينشر وتعمل له تصفية (فلترة) بشكل كامل، ولا تخلو هذه الفلترة من تدخلات سياسية في بعض الأحيان مثل ما حدث مع تقييد ومنع الكثير من المنشورات التي تناهض أو تدعم فئات سياسية أو أيديولوجيات معينة.
من الضروري جدا الاهتمام بالمحتوى الذي سيتم نشره للجمهور وصناعته وتنقيحه وتصميمه بعناية وبحذر، لأن الجمهور المتابع في الغالب هو جمهور مطلع، وإذا اكتشف خطأ ما في المحتوى فستكون النتائج عكسية على أصحاب الحملة ومصداقيتهم، وأحيانا المعلومات الحساسة إذا لم تكن مصادرها رسمية أو موثوقة وتبين وجود خطأ فيها فقد تؤدي إلى مشاكل كبيرة جدا لأصحاب الحملة.
صناعة المحتوى الرقمي:
هي عملية تحويل الأفكار والرسائل المراد توصيلها إلى جمهور معين، إلى أشكال ومواد إعلامية يمكن الوصول إليها وفهمها والتفاعل معها بسهولة من قِبَل الجمهور، وهذه الأشكال قد تكون عبارة عن فيديوهات أو إنفوجرافيك أو مدونات أو غيرها.
وتمر عملية صناعة ونشر المحتوى الرقمي بعدة مراحل تعتمد على بعضها للوصول إلى المخرج النهائي، وهذه المراحل هي:
- التخطيط للمحتوى وعمل إستراتيجية لصناعته واختيار الشكل والصيغة المناسبة للجمهور المستهدف، حيث أنك لا تستطيع بناء منزل مثلاً بدون مخططات هندسية.
- عملية صناعة المحتوى، وهي عملية تنفيذ المخططات السابقة بالاعتماد على الموارد والمصادر المتاحة وباستخدام أدوات صناعة المحتوى.
- الأدوات المستخدمة في صناعة المحتوى.
- خطة إدارة المحتوى، ماذا ستفعل بهذا المحتوى الذي أصبح بين يديك وكيف ستنشره وأين ومتى وكيف ستتابع تفاعل الجمهور معه.
- تحليل وتقييم المحتوى، الحصول على تغذية راجعة من خلال أدوات تقييم المحتوى وأدائه على المنصات المختلفة بغرض تطوير وتحسين المحتوى القادم.
ولكي يكون المحتوى الخاص بك حقيقيا وفعالا وقادرا على توصيل الرسائل المرجوة منه، ولكي يواكب التحديثات المتوالية في منصات التواصل وخصوصا التحديثات الهادفة إلى محاربة المحتوى الكاذب والإشاعات والمحتوى السيء، يجب عليك الالتزام بالتالي:
صناعة المحتوى والمصادر:
يُنصح بشدة باستخدام المصادر الرسمية بالدرجة الأولى، المواقع الإلكترونية الحكومية، وسائل الإعلام الرسمية، المسئولين أو الموظفين أنفسهم وهكذا.
في حال تعذر هذا الأمر أو كانت تلك الوسائل تصدر معلومات محددة وتحجب معلومات أخرى، يمكن التوجه إلى المواقع الأخرى الموثوقة لدى غالبية الجمهور مع ضرورة محاولة التثبت من المعلومات من أكثر من مصدر وذكر المصادر في داخل المحتوى دفعاً للحرج أو المشاكل أو الملاحقات القانونية.
بعض الحملات والمواضيع تكون مصادرها شحيحة أو شبه معدومة، لذلك ينصح بإشراك الجمهور في صناعة المحتوى، والحصول منهم على مشاركات وقصص شخصية أو عامة ونسبها إليهم، وترك القرار للمتابعين ليساندوا الموضوع أو لا.
صناعة المحتوى ولغة الخطاب:
يجب استخدام لغة مفهومة ومُبسّطة للجمهور المستهدف، يجب مخاطبة الجمهور باللغة التي يحب أن يسمعها، وبالأمور التي يرتاح ويهتم لسماعها أو قراءتها. لذلك يجب دراسة الجمهور جيداً قبل البدء بصناعة المحتوى والانتباه للمصطلحات.
ولكن هذا لا يعني إطلاقاً استخدام مصطلحات خارجة أو سوقية أو غير ملائمة، لأنك بذلك تخسر كثيراً من جمهورك المثقف الواعي الباحث عن المعلومة والخبر بصيغ مناسبة له ولأسرته.
صناعة المحتوى المرئي:
من أهم وأفضل وأكثر أشكال المحتوى تأثيراً وجلباً للتفاعل ولكن حسب شروط وضوابط محددة لضمان جذب الجمهور وكسب ثقتهم وتعاطفهم وتفاعلهم.
- الفيديو من أهم أشكال المحتوى، من المهم جداً إنتاج فيديو تعريفي عن الحملة لا يزيد عن دقيقة، حتى لا يكون مملاً، وأيضاً عمل فيديوهات أخرى ومقاطع “موشن جرافيك” قصيرة ومركزة توصل الرسالة بشكل شيق وسريع، لأن معظم المتابعين يحبون مشاهدة الفيديو ولكن ليس لفترات طويلة إلا إذا كان المحتوى جذاباً وقوياً.
- الإنفوجرافيك من أكثر أنواع التصاميم الثابتة فائدة وجذباً للمتابعين حيث أنه يؤدي دوراً مُهماً في الحملات من خلال عرضه لمجموعة من المعلومات في تصميم واحد وبشكل جميل وألوان جذابة غالباً.
- التصاميم الشخصية مهمة جداً، الجميع يحب أن يشارك أموراً شخصية تخصه وتبين مدى مشاركته وتفاعله مع المجتمع، لذلك من الجيد أن يُعِد صانع المحتوى تصاميم شخصية للمشاركين، لكل مشارك على حدة، وخصوصاً المؤثرين وأصحاب الأعداد الكبيرة من المتابعين، الأمر الذي سيؤدي بهم إلى مشاركة التصميم على صفحاتهم الشخصية والإعلان عن دعمهم للحملة.
صناعة المحتوى المكتوب:
لماذا يجب أن تتقن المحتوى المكتوب؟ لأنه عموماً محتوى جامد وغير جذاب على عكس أنواع المحتوى المرئي الأخرى، إلا إذا كان الموضوع مُهم أو أسلوب الكاتب شيق ومثير
لذلك عندما تفكر بكتابة مقالة معينة، ركز على ما يلي:
- اختر الموضوع بحيث يكون ساخناً أو مُهماً للشريحة المستهدفة من كتاباتك.
- تخيل شكل المقالة أو المنشور أو التغريدة قبل كتابتها، وتخيل شكل التفاعل معها.
- لا تنشر كل ما يخطر ببالك مباشرة، ولكن يمكنك كتابته في مسودة والتعديل عليه حتى تصل إلى الشكل النهائي الذي رسمته في مخيلتك.
- إيّاك ونسخ المواضيع كما هي من أماكن أخرى، يمكنك الاستعانة بها وإعادة الصياغة بأسلوبك الخاص الذي ينتظره جمهورك.
- من المهم جداً اختيار المصادر بعناية والتأكد من المعلومة من أكثر من مصدر، مع الانتباه للمصادر التي تنسخ من بعضها.
- استخدم الأرقام مثل “أهم 10 – أفضل 5 إلخ”، باعتبار أن المحتوى سيكون عبارة عن أفكار مرتبة ومعروضة بشكل منظم ومختصر.
- استخدم صفات لافتة للانتباه كـ “مجاناً – لا يصدق – مدهش”، حاول دائماً أن تضع عامل جذب في المحتوى، لكن إيّاك والمبالغة.
- استخدم أسلوب الطرق التعليمية كـأن تكتب ” الأسباب – الطرق – دروس – أفكار – حقائق – أساليب” لأن القارئ يميل لهذه النوعية من المقالات، التي يبدو من عنوانها أن ثمة فائدة داخل هذا المقال.
- أسلوب السؤال من خلال استخدام “متى – أين – كيف – لماذا”، يستفز القارئ ويثير الفضول لديه.
- استخدم الهاشتاغ بشكل مدروس حسب الموضوع وحسب المنصة المستخدمة.
- يمكنك عمل إشارة (تاغ أو منشن) لأشخاص أو جهات قد يهمها الموضوع وتتفاعل معه، ولكن لا تجعلها عادة حتى لا تنقلب بشكل سلبي عليك.
- التدقيق الإملائي مهم جداً، إلا إذا كان النص مكتوب بالعامية.
- يُفضّل تدعيم الموضوع بصورة واحدة على الأقل حتى ولو كانت تعبيرية.
- اختصر بقدر الإمكان دون الإخلال بالمعنى والرسالة
إذا كتبت محتوى للجميع … قد تخسر الجميع
ليس من الذكاء أن تكتب محتوى عام عبقري يذهب لشريحة كبيرة من الناس، لكن عند وقت الفعل، لن يتفاعل معك الكثير، لان محتواك هو محتوى يكتبه الجميع وللجميع
تعليقات
إرسال تعليق